+
أأ
-

الخوف من الأمراض

{title}
بلكي الإخباري

د. خليل ابو زناذ أخصائي أمراض نفسيه وعصبيه وتخطيط دماغ

يُعدّ الخوف من الأمراض اضطرابًا نفسيًا يتميز بشعور المريض بآلام متكررة في مناطق مختلفة من الجسم، مثل المعدة أو الصدر أو العضلات. وتزداد هذه الآلام وتتكرر كلما سمع المريض عن إصابة شخص ما بمرض خطير كالسّرطان أو الجلطات القلبية أو السكتات الدماغية.

يتأثر المريض كثيرًا بهذه الأخبار، وغالبًا ما يُظهر اهتمامًا بالغًا بمعرفة تفاصيل تلك الأمراض وأعراضها. ويتميّز هذا الاضطراب أيضًا بتأثره الكبير بمشاكل الحياة اليومية؛ إذ يزداد الشعور بالألم عند الحزن أو الخسارة المادية أو الصدمة العاطفية. ورغم أن الأطباء يوضحون للمريض أن هذه الآلام ناتجة عن التوتر أو الزعل، فإنه يبقى مقتنعًا بوجود سبب عضوي خطير وراءها.

يُراجع المريض عادةً العديد من الأطباء لإجراء الفحوصات والتحاليل، رغبةً في الاطمئنان بأنه لا يعاني من مرض خطير، رغم تأكيد الأطباء له بأن حالته سليمة. ومع ذلك، يظلّ غير مقتنع، ويواصل البحث عن تفسير عضوي، مما يسبب له خسائر مادية كبيرة بسبب كثرة المراجعات والفحوصات.

يمكن القول إن المريض يعاني من وسواس مرضي يتمثل في قناعة راسخة بأن لديه مرضًا خطيرًا لم يتمكن الأطباء من اكتشافه بعد. وعندما يُنصح بمراجعة طبيب نفسي، يرفض قائلاً: “أنا لا أعاني من أي مرض نفسي.”

يُعتبر العلاج النفسي والدوائي فعالًا جدًا في هذه الحالات، إذ تُخفف الأدوية النفسية من القلق، ومع انخفاض القلق تقلّ الأوجاع ويخف الوسواس المرضي.

إن نسبة المصابين بآلام جسدية ذات منشأ نفسي مرتفعة جدًا، ولهذا كتبنا هذا المقال لتنبيه المرضى الذين يُكثرون من مراجعة الأطباء دون جدوى، ويرفضون فكرة أن سبب معاناتهم نفسي. بينما في الحقيقة، العلاج النفسي يعطي نتائج سريعة وفعالة، وغالبًا ما تزول الأعراض خلال فترة قصيرة.

ومن المهم الإشارة إلى أن الأدوية النفسية المستخدمة لعلاج الوسواس المرضي لا تسبب الإدمان، وهي متوفرة في الصيدليات مثل أي دواء آخر.

يصيب هذا الاضطراب الذكور والإناث بنسب متقاربة، ويمكن أن يظهر في جميع الأعمار، وغالبًا ما يبدأ في سن مبكرة. وعلى الرغم من أن المرض لا يؤدي إلى مضاعفات عضوية خطيرة، إلا أنه مزعج ومكلف ماديًا، وقد يسبب اكتئابًا إذا لم يُعالج، بسبب شعور المريض بأن حالته مستعصية، مع أنها سهلة العلاج ونتائجها ممتازة.

أظهرت دراسة أُجريت في سويسرا في عيادات الأطباء العامين أن ما بين 20% إلى 30% من المرضى الذين يراجعون الطبيب العام يعانون من مخاوف مرضية.

لذلك، فإن هذا الاضطراب واسع الانتشار، ومن المهم أن يُراجع من يعاني منه طبيبًا نفسيًا بدلًا من التنقل بين الأطباء والاختصاصيين دون فائدة تُذكر.