" الطاقة النيابية" تناقش مشروع قانون اتفاقية التعدين في أبو خشيبة

عقدت لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية اجتماعًا اليوم برئاسة الدكتور أيمن أبو هنية، وحضور وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، ورئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن المهندس زياد السعايدة، لمناقشة مشروع قانون التصديق على الاتفاقية التنفيذية لأعمال تقييم وتطوير واستغلال النحاس والمعادن المصاحبة في (منطقة أبو خشيبة) بين وزارة الطاقة وشركة وادي عربة للمعادن.
وأكد رئيس اللجنة الدكتور أبو هنية، أن هدف اللجنة من مناقشة مشروع القانون ليس الوقوف عند حدود النص القانوني، بل التعمق في الأثر السيادي والاقتصادي والمالي طويل الأمد للاتفاقية، باعتبارها تتعلق بثروة وطنية استراتيجية وحقوق أجيال قادمة.
وأضاف أن اللجنة تتعامل مع الاتفاقية من منطلق المسؤولية الوطنية الكاملة، مشدداً على ضرورة فهم فلسفة الاتفاقية ونموذجها الاقتصادي، متسائلًا عن أسباب اختيار هذا النموذج التعاقدي تحديدا، وما إذا جرت مقارنته بنماذج دولية أخرى، ومدى قدرته على تعظيم مصلحة الدولة.
وفيما يتعلق بتوزيع المخاطر والعوائد، أوضح أبو هنية أن اللجنة تركز على معرفة من يتحمل المخاطر الجيولوجية والفنية والمالية في كل مرحلة، ومتى تنتقل هذه المخاطر، وما إذا كانت هناك التزامات مستقبلية قد تتحملها الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، مؤكدا الحاجة إلى خريطة واضحة لتوزيع المخاطر مقابل العائد.
وتساءل عن حصة الدولة، معتبرا إياها نقطة مفصلية، داعيا إلى توضيح آليات احتسابها بشكل دقيق وشفاف، وما إذا كانت مرتبطة بالإنتاج أو بالأرباح الصافية، ومن يحدد التكاليف القابلة للخصم، وكيفية حماية الدولة من تضخيم الكلف التشغيلية، لافتاً إلى أن التجارب العالمية أثبتت أن الخسائر الكبرى غالبا ما تنشأ من آليات الاحتساب لا من النصوص.
كما أثار أبو هنية تساؤلات حول مرحلة ما بعد التقييم، مؤكدًا أهمية معرفة الجهة التي تعتمد النتائج الفنية بشكل نهائي، وما إذا كانت الحكومة تمتلك أدوات مستقلة للتحقق من التقديرات الاحتياطية والكلف، والضمانات المتاحة في حال قررت الشركة عدم الانتقال إلى مرحلة الإنتاج رغم الجدوى الاقتصادية.
وفي محور الرقابة والتنظيم، شدد رئيس اللجنة على أن دور هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن يجب أن يكون عمليا وفعالا، متسائلًا عن قدرتها الفنية والموارد المتاحة لديها لمتابعة مشاريع تعدين معقدة بهذا الحجم، وآليات تدقيق تقارير الشركة، مؤكدا أن التنظيم ليس إجراءً شكليا بل حماية لحقوق الدولة.
وفيما يخص القيمة المضافة، أكد أبو هنية أن اللجنة تبحث عما إذا كانت الاتفاقية ستبقى في إطار الاستخراج فقط أم ستتضمن التزامات واضحة بالصناعات التحويلية داخل الأردن، ونسب تشغيل الأردنيين، ونقل المعرفة وبناء القدرات الوطنية، محذراً من أن غياب هذا البعد قد يحول الاتفاقية إلى فرصة اقتصادية محدودة الأثر.
كما تناول البعد البيئي والمجتمعي، مشددا على ضرورة وجود ضمانات قابلة للتنفيذ فيما يتعلق بالالتزام البيئي، وإدارة المياه والنفايات، وتحقيق عائد تنموي حقيقي للمجتمعات المحلية في منطقة وادي عربة.
من جهته، قدم الوزير الخرابشة عرضا حول خلفية الاتفاقية وأهدافها، مؤكدا أنها جاءت التزاما بأحكام الدستور والتشريعات النافذة، وانسجاما مع رؤية التحديث الاقتصادي التي تضع قطاع التعدين ضمن القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مع التزام الحكومة بحماية المال العام وتعظيم العائد الوطني.
وأوضح الوزير أن الهدف الرئيس من الاتفاقية هو خدمة الاقتصاد الوطني وتعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعية، من خلال استقطاب استثمارات نوعية قائمة على أسس واضحة وشفافة، وبما يسهم في خلق قصص نجاح حقيقية في قطاع التعدين تعزز ثقة المستثمرين، وتدعم توجه الدولة نحو توسيع قاعدة الإنتاج والتشغيل ورفع القيمة المضافة محليًا.
وأكد الخرابشة في ختام حديثه استعداد الوزارة للتعاون الكامل مع لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية، وتزويدها بأي بيانات أو إيضاحات إضافية، ضمن إطار الشفافية والشراكة المؤسسية.
وخلال الاجتماع، قدم النواب الحضور : جمال قموه وخضر بني خالد وقاسم القباعي ومي الحراحشة ونسيم العبادي وراكين ابو هنية وإسلام العزازمة وايمان العباسي واحمد الرقب وصالح ابو تايه وحسن الرياطي واحمد الشديفات جملة من المداخلات والاستفسارات التي تركزت حول بنود الاتفاقية من الجوانب القانونية والاقتصادية والفنية، مؤكدين أن مناقشة مشروع القانون يجب أن تقوم على قراءة شاملة تتجاوز الصياغات العامة إلى التدقيق في التفاصيل التي ترتب التزامات طويلة الأمد على الدولة.
وتساءل النواب عن مدة الاتفاقية، وآليات إنهائها أو تعديلها، وشروط التحكيم المعتمدة، متسائلين عن الجهة القضائية أو التحكيمية المختصة في حال نشوء نزاع، ومدى حماية هذه الآليات لحقوق الدولة وسيادتها التشريعية والمالية.
كما تركزت استفسارات النواب حول دراسات الجدوى الاقتصادية التي بُني عليها المشروع، ومدى واقعيتها ودقتها، مطالبين بالاطلاع على الفرضيات التي اعتمدت في احتساب الاحتياطيات والكلف والعوائد، ومؤكدين ضرورة التأكد من أن العائد المتوقع على الخزينة يتناسب مع حجم الثروة المستثمرة وطبيعة المخاطر.
كما تساءل النواب عن الكفاءة المالية والفنية لشركة وادي عربة للمعادن، وخبرتها السابقة في مشاريع مماثلة، وقدرتها على تنفيذ المشروع وفق أعلى المعايير الفنية والبيئية، إضافة إلى نسبة مساهمتها الفعلية، وهيكلها المالي، وضمانات الالتزام بتنفيذ المشروع ضمن الجداول الزمنية المحددة.
وشدد النواب على أهمية معرفة ما إذا كانت الحكومة قد اطلعت وقارنت الاتفاقية بنماذج وتجارب دولية ناجحة في إدارة واستثمار موارد النحاس والمعادن، للاستفادة من أفضل الممارسات العالمية وتجنب الثغرات التي أفرزتها تجارب غير ناجحة في دول أخرى.
وفيما يتعلق بالأثر البيئي، أكد النواب أن حماية البيئة والمجتمعات المحلية تشكل أولوية لا تقل أهمية عن الجدوى الاقتصادية، مطالبين بضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ فيما يخص إدارة المياه، ومعالجة النفايات، والرقابة البيئية المستمرة، وعدم تحميل الدولة أية أعباء مستقبلية ناتجة عن الأضرار البيئية.
وأعرب عدد من النواب عن تخوفهم المشروع من تكرار بعض الاتفاقيات السابقة التي لم تلبي الطموحات الوطنية، أو رتبت التزامات مالية وقانونية على الدولة دون تحقيق العائد المأمول، مؤكدين في الوقت ذاته أن هذا التخوف نابع من الحرص على المصلحة الوطنية العليا، وليس من موقف معارض للاستثمار أو لتعظيم دور قطاع التعدين.
وأكد النواب دعمهم لأي اتفاقية من شأنها تعزيز الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل، وزيادة القيمة المضافة محليا، شريطة أن تكون مبنية على أسس واضحة وشفافة، وخالية من الثغرات القانونية أو المالية، وتحفظ حقوق الدولة والأجيال القادمة.
وفي ختام الاجتماع قررت اللجنة مواصلة مناقشة ودراسة مشروع القانون، واستكمال الاستماع إلى الجهات المعنية والخبراء المختصين، تمهيدًا لاتخاذ القرار المناسب ورفعه إلى مجلس النواب ضمن المسار الدستوري، بما يضمن حماية الثروات الوطنية وصون حقوق الدولة والأجيال المقبلة.



















