خبراء: البرنامج التنفيذي للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات يعيد صياغة العلاقة مع البيئة

ترجم البرنامج التنفيذي الوطني للحد من ظاهرة الإلقاء العشوائي للنفايات للأعوام 2026–2027 الذي جاء ضمن إطار حكومي شامل، خطة استراتيجية عملية تستهدف تحسين واقع النظافة وحماية البيئة والصحة في مختلف محافظات المملكة.
وأكد خبراء ومتخصصون في الشأن البيئي في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن نجاح البرنامج التنفيذي يرتبط بمنظومة متكاملة تجمع بين تطوير البنية التحتية، وتفعيل التشريعات، وتعزيز الرقابة الذكية، وتغيير السلوك المجتمعي، ما يضمن تحقيق أثر ملموس ومستدام في المدن والمناطق الريفية على حد سواء، ويحسن جودة الحياة والصحة العامة.
واتفق الخبراء أن البرنامج التنفيذي الوطني للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات يعيد صياغة علاقة المجتمع بالبيئة، وترسيخ مبادئ العدالة البيئية، وتحويل السياسات البيئية إلى أثر ملموس ينعكس على صحة المواطنين وجودة حياتهم، ضمن نهج تكاملي يجمع بين التشريع والتنفيذ والوعي المجتمعي والتكنولوجيا.
وأكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للعدالة البيئية الدكتور محمد عيادات أن البيئة لم تعد ترفا أو ملفا هامشيا يمكن تأجيله، بل ضرورة حياتية ملحة ترتبط مباشرة بحقوق الإنسان البيئية، وعلى رأسها الحق في بيئة سليمة ونظيفة.
وقال إن الإعلان عن البرنامج التنفيذي خطوة محورية لمعالجة ظاهرة الإلقاء العشوائي للنفايات التي تحولت إلى تحد بيئي وصحي واقتصادي يؤثر على جودة الحياة والموارد الطبيعية والأنظمة البيئية.
وأوضح أن البرنامج من شأنه إحداث أثر ملموس في المدن والمناطق الريفية على حد سواء، من خلال تحسين المشهد الحضري والحد من المكاره الصحية في المدن، وتقليص الفجوة الخدمية في مناطق الأطراف والأودية والطرق الزراعية التي تعاني من ضعف الرقابة.
وأشار إلى أن تطوير البنية التحتية لإدارة النفايات يشكل عنصرا أساسيا في إنجاح البرنامج عبر تعزيز كفاءة جمع ونقل النفايات، والتوسع في إنشاء محطات الفرز والتدوير، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص ضمن إطار واضح للمسؤولية البيئية، مؤكدا أن معالجة السلوكيات الخاطئة لا تنفصل عن توفير بدائل عملية وميسرة للمواطنين.
وفيما يتعلق بالإطار التشريعي، لفت عيادات إلى أن الأردن يمتلك منظومة تشريعية بيئية متقدمة، إلا أن التحدي يكمن في التفعيل المنتظم والعادل للقوانين، وتوحيد جهود الرقابة والمتابعة بين وزارة البيئة والبلديات والجهات المتخصصة، ما يعزز الثقة المجتمعية بسيادة القانون البيئي ويحقق الردع الوقائي.
وقالت خبيرة السياسات البيئية والمناخية الدكتورة زينة حمدان إن البرنامج التنفيذي دلالة واضحة على إدراك وطني متقدم بأن ملف النظافة وإدارة النفايات لم يعد ملفا خدميا تقليديا، بل قضية بيئية وصحية واقتصادية تمس جودة الحياة والتنمية المستدامة.
وأضافت إن هذا التوجه يشكل فرصة حقيقية لإحداث أثر ملموس في المدن والمناطق الريفية، شريطة تنفيذ البرنامج كمنظومة متكاملة ومستدامة، مع اعتماد فرز النفايات من المصدر كركيزة أساسية لضمان الاستدامة، وخفض الكلف، وتحسين كفاءة الإدارة.
وأشارت إلى أن من الحلول العملية الداعمة لهذا التوجه إطلاق تطبيق "بلو بين Blue Bin"، وهو نتاج شراكة بين منظمة أوراق كمؤسسة مجتمع مدني والقطاع الخاص، موضحة أن التطبيق يسهل الربط بين مصادر النفايات المفروزة والجهات التي تستخدمها مواد أولية؛ مثل جامعي النفايات وشركات إعادة التدوير، ما يردم الفجوة بين الفرز والجمع والاستفادة الفعلية، ويحول الفرز من عبء على المواطن إلى ممارسة مجدية اقتصاديا، ويسهم في تقليل كميات النفايات المتجهة إلى المكبات ودعم الاقتصاد الدائري.
وأكدت أن دمج الحلول الرقمية وتعزيز الرقابة الذكية بالتوازي مع تطوير البنية التحتية لإدارة النفايات يتماشى مع الرؤية الاقتصادية للمملكة التي تركز على كفاءة استخدام الموارد وخلق فرص عمل خضراء.
من جانبه، بين الخبير البيئي الدكتور فهمي أبو الرب، أن الآثار البيئية والصحية المباشرة للإلقاء العشوائي للنفايات تؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية نتيجة تسرب المواد السامة، مثل المعادن الثقيلة والمركبات العضوية، ما يهدد جودة الموارد المائية ويؤثر سلبا على الزراعة والنظم البيئية.
وأضاف إن حرق النفايات في الهواء الطلق يفاقم تلوث الهواء المحلي، ويؤدي إلى انبعاثات ضارة تشكل مخاطر صحية وبيئية إضافية، فضلا عن تشويه المشهد العام وتقليص الجاذبية الجمالية للمناطق.
وأشار أبو الرب إلى أن النفايات العشوائية توفر بيئة خصبة لتكاثر الحشرات والقوارض الناقلة للأمراض، ما يزيد من معدلات الأمراض التنفسية والجلدية وأمراض الجهاز الهضمي، خاصة لدى الأطفال وكبار السن.
بدوره، أكد رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان أن الإعلان عن البرنامج التنفيذي الوطني للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات، يعكس إرادة سياسية حقيقية للانتقال من المعالجات الجزئية والمؤقتة إلى عمل مؤسسي شامل ومستدام في ملف النظافة وحماية البيئة.
وتوقع أن يحقق البرنامج أثرا إيجابيا واضحا في المدن والمناطق الريفية خلال عامي 2026–2027، خاصة إذا ترافق مع تحسين البنية التحتية لنقل وفرز وتدوير النفايات، وتوحيد جهود البلديات، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار إلى أهمية اعتماد مؤشرات قياس واضحة لنجاح البرنامج، مثل تقليص مواقع الإلقاء العشوائي، وزيادة نسب إعادة التدوير، ورفع مستوى رضا المواطنين، إلى جانب تفعيل وتغليظ العقوبات بحق المخالفين لضمان الردع.
وأكد أن استخدام التكنولوجيا والرقابة الذكية، من كاميرات وتطبيقات بلدية وأنظمة تتبع، يشكل عنصرا أساسيا لضبط المخالفات وتحسين سرعة الاستجابة، بما ينسجم مع توجهات التحديث والحوكمة الرشيدة

















