المحامي حسام خصاونة يكتب:- الرقابة بعد الكارثة من يحاسب قبل أن تزهق الأرواح واين تقف مسؤولية الحكومة

مرة أخرى ندفع ثمن الرقابة المتأخرة إغلاق شوارع بعد المنخفض ووقف بيع صوبات بعد اختناق أكثر من 14 شخصا ووفاتهم يفتح سؤالا مؤلما لماذا لا تتحرك الرقابة إلا بعد وقوع الفاجعة
الدور الرقابي ليس ردة فعل بل واجب دستوري وقانوني على الحكومة يندرج ضمن التزامها بحماية حياة المواطنين وسلامتهم العامة وهو التزام سابق على وقوع الضرر وليس لاحقا له وكما تقوم مديرية الأمن العام بحملات وقائية قبل فصل الشتاء كان يفترض أن تتخذ الحكومة إجراءات احترازية ورقابية شاملة مع بداية كل موسم خصوصا على المنتجات الخطرة التي تمس الحق في الحياة بشكل مباشر
أين مؤسسة المواصفات والمقاييس قبل دخول هذه الصوبات إلى الأسواق فإذا كان القرار اليوم بإغلاق مصنع أو منع بيع منتج لعدم مطابقته للمواصفات فهذا يشكل إقرارا صريحا بوجود خلل رقابي سابق وتقصير في أداء الواجب القانوني والأخطر أن نتائج هذا التقصير لم تقف عند حدود الخسائر المادية بل امتدت إلى ازهاق ارواح بشرية لا تعوض
ومن منظور دستوري وقانوني فإن الحكومة تتحمل مسؤولية مباشرة عن هذا التقصير ذلك أن الدستور يكرس مبدأ خضوع السلطة التنفيذية للمساءلة ويحمّلها واجب صون الحقوق الاساسية وفي مقدمتها الحق في الحياة والسلامة العامة كما أن القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية في القانون الأردني تقضي بأن كل خطأ يترتب عليه ضرر يوجب التعويض وإذا كان الخطأ ناشئا عن اهمال رقابي أو امتناع عن اتخاذ اجراءات واجبة فإن المسؤولية القانونية تقوم بحق المتضررين دون حاجة لاجتهاد
وعليه فإن الحكومة ملزمة قانونا بتعويض كل من تضرر جراء هذا التقصير سواء عن الاضرار المادية أو المعنوية باعتبار أن الضرر وقع نتيجة اخلال بواجب قانوني ثابت ولا يجوز الاكتفاء بالقرارات المتأخرة كبديل عن جبر الضرر وتحمل تبعاته
وإلى جانب المسؤولية القانونية تبرز المسؤولية السياسية باعتبارها جوهر العمل العام في النظام الدستوري فالحكومة مسؤولة امام الرأي العام عن افعالها وامتناعها ولا تستعاد الثقة العامة إلا بتحمل هذه المسؤولية بشكل واضح من خلال الاعتذار الصريح أو محاسبة المسؤول المباشر وصولا إلى استقالته عند ثبوت التقصير فالمساءلة السياسية ليست خيارا بل التزاما يفرضه احترام الدستور وحماية حياة المواطنين
وفي الوقت ذاته لا يمكن اغفال دور المواطن في منظومة السلامة العامة فالمسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة وحدها بل تمتد الى كل رب اسرة باعتباره المسؤول الاول عن حماية افراد اسرته وارواح اطفاله ويترتب عليه واجب الحيطة والحذر والالتزام بإجراءات السلامة وعدم استخدام اي وسيلة تدفئة او منتج مشكوك بسلامته فحماية الحياة تبدأ بالوعي كما تبدأ بالقانون
الوقاية واجب دستوري وقانوني فالرقابة قبل الكارثة تحمي الارواح أما بعدها فلا تفعل سوى توثيق الفشل
# المحامي حسام حسين الخصاونة


















